L’Hégire sens et enseignements 2
العبرة 3: الأمانة والعدل حتى مع الأعداء: بالعدل والأمانة نكون مسلمين حقا الوصية التي أعطاها الرسول ص لابن عمه علي بن أبي طالب، يطلب منه رد "الودائع" التي كانت للنبي الذي عليه. هذا يعلمنا أن مقياسنا في الإسلام هو العدل، لا أهواءنا، ولا ثأرنا أو كراهيتنا. نحن نظهر العدل حتى لألد أعدائنا، وهكذا نصبح عبادًا لله بدلًا من عبيد لشهواتنا
العبرة 4: معالم التضحية والفداء في الهجرة النبوية: وفي حادث الهجرة نماذجُ عظيمة من التضحية نسوق منها: 1– نموذج تضحية أبي بكر الصديق بالمال والنفس في سبيل الغاية التي آمن بها، رغم كل أنواع المخاطر التي يمكن أن تصيبه في نفسه وفي أهله.
2نموذج تضحية علي بن أبي طالب بأن ينام في فراش النبي- ص وهو يعلم الخطر الكبير في ذلك
3- نموذج تضحية أسماء بنت أبي بكر، وهي تحمل الطعام إلى رسول الله- ص وإلى أبيها. تولت أسماء مسئولية إمداداتهم الليلية. إيمانها وتضحيتها من أجل الإسلام،
4-نموذج تضحية الذين هاجروا قبل رسول الله- ص وتركوا كل شيء، وقال لهم الرسول ص« ربح البيع »، ونزل فيهم قول الله- تبارك وتعالى- ﴿وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)﴾ (سورة البقرة).
العبرة 5: معية الله لعباده المؤمنين: خرج النبي ص من بيته وقد أحاط به فرسان قريش من غير أن يشعروا به، لقد أعمى الله أبصارهم عن حبيبه المصطفى، وأبطل كيدهم فلم يضروه شيئا. وها هو أبو بكر- رضي الله عنه- يرى وهو في الغار فرسان قريش، فيقول للنبي ص: يا رسول الله.. لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، فيقول له النبي ص: « يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا« . يقول- الله سبحانه-: ﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)﴾ (سورة التوبة).
العبرة 6: معالم الأخوة والإيثار في الهجرة النبوية: استقبل الأنصار رسول الله ص بالفرحة والسرور، وفتحوا بيوتهم للمهاجرين، وضربوا أروع الأمثلة العملية لمعاني الأخوة حتى مدحهم الله في كتابه الكريم: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (9) وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)﴾ (سورة الحشر).
العبرة 7: حل النزاعات بالوسائل السلمية: سعى النبي محمد إلى إيجاد حلول سلمية للنزاعات في المدينة المنورة، حتى مع القبائل اليهودية المحلية. وهذا يسلط الضوء على أهمية الدبلوماسية والبحث عن حلول غير عنيفة في العلاقات المجتمعية.
8 الصبر والصبر على تحقيق الأهداف : لم تكن الهجرة نهاية للتحديات التي يواجهها الرسول محمد وصحبه. لقد أظهروا الصبر والمثابرة في بناء مجتمع عادل وتقوى في المدينة المنورة. يذكرنا أن تحقيق الأهداف السامية يتطلب الصبر الدائم والمثابرة الثابتة.
إننا فى حاجه ماسة اليوم إلى تحقيق هذه الهجرة في حياتنا، هجرة إلى الله ورسوله بفعل الطاعات وترك المنكرات، هجرة من الشر والرذيلة إلى الخير والفضيلة، هجرة من الفرقة إلى الوحدة، هجرة من السلبية إلى الإيجابية لتغيير الواقع المؤلم الذي تعيشه الأمة. قال الإمام العز بن عبد السلام: الهجرة هجرتان: هجرة الأوطان، وهجرة الإثم والعدوان، وأفضلها هجرة الإثم والعدوان؛ لما فيها من إرضاء للرحمن وإرغام النفس والشيطان.
إن أعز ما يملكه الإنسان في هذه الحياة هو دينه، والذي لابد له من تكاليف، والتكاليف لابد لها من تضحيات، وأبرز دروس الهجرة المباركة هي التضحية، والتضحية قاسم مشترك لكل من هاجر، والهجرة شهادة صدق وتأييد لصاحبها بأنه يؤثر ما عند الله على هوى نفسه، ويضحى بكل ما يملك في سبيل العقيدة التي آمن بها، واختلطت بروحه ودمه.